-A +A
عادل النجار (جدة) anajjar2@
على شاطئ ساو فيسينتي القريبة من مدينة سانتوس جنوب ساو باولو، لمحت أعين المدرب بيتينيو طفلا نحيلا في السادسة من عمره، يركض على المدرجات نزولا وصعودا أسرع من أي طفل بهذا العمر شاهده في حياته، حينما كان يتابع مباراة هواة في كرة القدم الشاطئية في يوم من عام 1998، ولم يكن يعلم أن القدر يسيره إلى اكتشاف نجم كروي سيكون له شأن في المستقبل، حيث استشعر موهبة ذلك الطفل الذي كان والده يشارك في تلك المباراة ووالدته تراقب مهارة زوجها عن كثب، ليتيقن أن طول قامة الأم ومهارة الأب ستنعكسان جليا على طفلهما، الذي أضحى فيما بعد من ألمع نجوم كرة القدم.

نيمار أو كما تطلق عليه عائلته إلى الآن «جونينيو»، وهو تصغير لاسم جونيور، لم يكن ليكون نجما لولا حماس ورغبة الخبير بيتينيو الذي سبق وأن اكتشف قبل تلك اللحظات بثمانية أعوام روبينيو الذي تألق لاحقا في سانتوس، فريق الأسطورة بيليه، ثم انتقل إلى عملاق أوروبا ريال مدريد الإسباني، مانشستر سيتي الإنجليزي وميلان الإيطالي، وشارك مع منتخب البرازيل في كأسين للعالم.


لكن ما لم يدركه بيتينيو حينها، أنه اكتشف لاعبا أفضل بكثير من روبينيو، بعدما أعجب بما شاهده يومها، اقترب بيتينيو من الوالدين وطلب منهما إذا كان باستطاعته الذهاب مع «جونينيو»، للمشاركة في تدريبات فريق المنطقة في كرة الصالات، غريميتال، فوافقا على طلبه.

عاد الرجل البالغ 60 عاما بالزمن إلى تلك اللحظة وما خالجه حينها، ويقول «الوالد يلعب بشكل جيد، الوالدة طويلة القامة، وبالتالي إذ كبر الطفل ليصبح نحيلا مثلها وبمهارة والده، فسيكون ناجحا».

ويوضح بيتينيو «طوال مسيرتي كنت أريد أن أجد لاعبا يستطيع تجسيد روح بيليه، ضربني البرق مرتين»، في إشارة إلى أنه وجد ضالته.

ترافق مسار بيتينيو ونيمار في رحلة قادت الأخير من ناد إلى آخر، قبل التوقيع للمشاركة في البرنامج التدريبي لنادي سانتوس حين كان في الـ11 من عمره.

سمعة المراوغ الماهر والنحيل سبقته بحسب ما يكشف بدرو لوبيز، صديقه في نادي غريميتال حيث التقيا للمرة الأولى قبل 16 عاما.

ويوضح «كنا نعرف من هو نيمار، كانوا يعتنون به كما لو كان المستقبل عظيما».

كان نيمار في التاسعة من عمره فقط عندما وصل إلى هناك، لكن بعد دورتين تدريبيتين فقط نقل إلى فئة عمرية تناسبه، ويتذكر لوبيز «في معظم مبارياتنا كنا نمرر الكرة له وننتظر أن يتلاعب بنصف الفريق المنافس».

أصبح لوبيز ونيمار صديقين مقربين في الملعب والمدرسة على حد سواء، ورغم أن نيمار كان طالبا جيدا، إلا أن مستقبله ومصيره كانا جليين.

بالنسبة لمدرب غريميتال اليسديس ماغري كان نيمار يتمتع «بموهبة فطرية تم شحذها مع الوقت، لاسيما في الجانب الجماعي من اللعبة، لأنه كان دائما شخصا متعطشا جدا للكرة، أراد أن يحصل على الكرة، مراوغة للجميع».

كان اللقب الأول في مسيرة نيمار مع غريميتال الذي بدأ معه سلسلة من الألقاب التي شملت لاحقا دوري أبطال أوروبا، كأس ليبرتادوريس لأبطال أمريكا الجنوبية والذهبية الأولمبية.

وفي غريميتال أيضا بدأ تقليده الاحتفالي بالألقاب بوضع عصابة رأس أعطيت له من قبل والدته.

«جزء من العالم»

بالنسبة للمشجعين، غالبا ما يصنف نيمار بالطفل المدلل، لا يثنيه أي شيء عن استعراض أحدث وشومه على أنستغرام، لكن للذين عرفوه منذ البداية، يرون نيمار المرح الذي يحب المزاح، وهو أمر لا يشاهده فيه الناس غالبا، خلافا للوبيز الذي يعتبره «شخصا يتمتع بطاقة مدهشة وسعادة وانفتاح، يشعر دائما بالرضا حيال الحياة. عندما أكون محبطا، أحاول الاقتراب منه لأنه ينقل قدرا كبيرا من الإيجابية». بشعره المصبوغ ووشومه وحبه لانستغرام، يتناسب لوبيز تماما مع مجموعة نيمار من الأصدقاء الذين يطلقون على أنفسهم اسم «تويس»، أي «أنتم» بالبرتغالية.

تحلقت «العصابة» حول مهاجم سان جرمان عندما عاد إلى بلاده لإجراء الجراحة بعد تعرضه لكسر في مشط قدمه في فبراير الماضي.

ويروي لوبيز أنه «عندما عانى من الحزن جراء هذه الإصابة، لجأ الى أسرته للمواساة، لرفع ثقته بنفسه والتعافي بأسرع ما يمكن». ومن متطلبات نيمار لرفع معنوياته، أن يجلب إليه لوبيز قميص نادي غريميتال لإضافتها إلى مجموعته، كانت لحظة حنين إلى الماضي، لكن بالنسبة لمكتشفه بيتينيو، فإن جذور نيمار أصبحت على بعد آلاف الأميال منه «أمضيت ستة أعوام أعتني به، وهذا وقت طويل»، وأضاف: «لكنه الآن جزء من العالم».